Description
تعد القصة على لسان الحيوان أو الجماد، من أقدم أنواع القص ومن الأنماط القصصية الضاربة الجذور في تراثنا السردي العربي، تعزى فيها الأقوال والأفعال إلى الحيوان والموجودات من غير الإنسان بقصد بعث رسالة تنطوي على معنى أخلاقي أو درس اجتماعي أو مضمون سياسي ناقد. وفي مجموعته القصصية (32 فهرنهايت) يمتح نذير الزعبي من التراث السردي العربي شخصياته الروائية، فيسوقها على لسان الحيوان، والنبات، والأشياء، ويقدمها للقارئ في قالب قصصي شيق، تتعدد فيه الرواة، وتتناسل الحكايات بعضها من بعض، فيها من المغامرات وامتزاج الواقع بالخيال الكثير، في نسيج يومئ أن هذه القصص هي بنت ذات التراث، تنتمي إليه، ولكنها تتميّز عنه في الوقت نفسه، بلغتها وسردها وحوارها. ولأن الرواية سواء أكانت على لسان البشر أم الحيوان هي في النهاية تتأرجح بين الحقيقة والرمز، الواقع والماوراء، يفتتح نذير الزعبي مجموعته بقصة رمزية عنونها تحت اسم (الحوض) يقيم خلالها حواراً بين الأسماك الصغيرة والأسماك الكبيرة، وقد حبستهم يد البشر في الحوض في لفتة من المؤلف إلى السجن الكبير الذي يجمع البشر في هذه الحياة من دون أن يدروا، في ظن منهم أنهم أحرار "... فلماذا إذن لا نلبث أن ننسى اسم هذا السجن، حتى نتذكره من جديد؟ - عن أي سجنٍ تتحدثين؟ هذا الحوض، لماذا لا ينفكُّ اسمُهُ يطاردُ ذاكرتنا دون سواهُ من الأسماك والذكريات؟ - لا أعلم... ربما لأنه سجن...". بهذا المشترك بين عالم الإنسان وعالم الحيوان شكلاً ومضموناً، يكون المؤلف قدّم للقارئ أثراً قصصياً يفرد بين ثناياه حيزاً واسعاً للتمثيل الرمزي أو الكنائي الذي يتضح معناه بعد سرده سرداً تمثيلياً كاملاً بصورة الفن القصصي الجميل... يضم الكتاب عشرون قصة قصيرة جاءت تحت العناوين الآتية: "الحوض"، "نور"، "فنجان قهوة"، "الصندوق"، "عودُ ثقاب"، "لسانُ الشِّعر"، "سولو"، "فِراء"، "دُبُّ قُطبيُّ وثلاجة"، "ثرثرة"، "الرصاصة الأولى"، "بوشار"، "النداء الأخير"، "صوتُ الصمت"، "السلام"، "ليست أضغاثاً"، "أبر أكادابرا"، "كزدورة"، "سنجابٌ وحباتُ كرز"، "32 فهرنهايت".