بلغت تِيَا الثامنة عشر من عمرها اليوم، وغدت أكبر من أن تحتفل بعيد ميلادها. لقد أدركت ريبيكا بوسمان الثلاثين في كانون الأول ولم تذكر ذلك قط: ذاك هو الرقي. في فجر مظلم من شهر كانون الثاني، كانت تيا ترتجف تحت الشراشف في فراشها، وتسمع زوج خالها وكورنيليا تتجادلان في الصالون في الأسفل.كان والدها يجرُّ الطاولة، ليتناولوا الفطور على البساط. فهم دائماً يبدؤون عيد ميلاد تِيَا بالجلوس على ذلك البساط، وتلك عادة لا تنقطع، فهم يجدون متعة في التظاهر أنهم مُغامرون، يُسيِّرون أمورهم بالزاد الذي جمعوه. لقد صار هذا خيالاً مُزرياً، لأنَّ أحداً منهم لم يغادر أسوار المدينة منذ أعوام. وأيضا: ما العيب في استخدام طاولة؟ لقد استبقوا أجمل طاولاتهم، لذلك يجدر بهم استخدامها. الكبار يستخدمون الطاولات، و لو كان على ريبيكا بوسمان أن تتحمَّل فطورًا مُخصصًا لعيد ميلادها، فسوف تتناوله إلى طاولة. لكن تِيَا لا يمكنها أن تفصح عن أي من هذا. لا يمكنها أن تنزل إلى الطابق السفلي وترى زوج خالها نيلا تُدير ظهرها، وهي تزيل سلاسل الورق المهترئة، التي كانت بلا شك قد علَّقتها على النوافذ الضخمة المكسوة بالجليد. ووالدها يحدِّق في البساط الرث. وكورنيليا، مربِّيتها العجوز، تنظر في بؤس إلى الفطائر المُحلاة الصغيرة التي ظلت مستيقظة تنمقها طوال الليل. لا تملك تِيَا رغبة في الزجِّ بهم إلى الحزن، لكنها لا تعرف كيف تخلص نفسها من هذا الدور الذي وضعوها فيه، ابنة الجميع. لقد أصبحت امرأة اليوم، لكن الفرح في هذا المنزل دائماً ما يتخلله خوف من الفقد