Description
جاهز ايها اللاعب الاول - رواية
من منا لم يتخيل ويحلم بواقع مختلف عن ما يحياه؟ لا أتكلم هنا عن مجرد الحصول على وظيفة عمل جيدة أو علاوة في الراتب أو رحلة إلى باريس، بل أتكلم عن التفكير في حكم العالم، في امتلاك القدرة على الطيران، في مواجهة الخصوم في حلبات القتال التي تعارض كل قوانين الفيزياء، باختصار، الحلم بكسور القيود التي تكبح جماحنا بغية الانتقال إلى عالم أفقه سعة خيالنا
عن هذا تتكلم الرواية، والفلم المبني عليها
سأقوم هنا بمراجعة للرواية وبمقارنتها بالفلم
أولاً
الرواية تاخذنا إلى عالم دستوبي -عكس المدينة الفاضلة- إلى حدٍ ما حيث تعصف الأزمات الاقتصادية والتغيرات المناخية وعدم الاستقرار السياسي بأركان العالم مما يدفع البشر بيأس إلى التوقف عن حل المشاكل والتوجه إلى التعايش معها، وقد كانت الرواية أنجح من الفلم في هذا الشأن
ثانياً
طريقة التعايش مع المشكلة تتم عن طريق الهرب إلى عالم افتراضي اسمه "الواحة" حيث يرتدي الأفراد نظارة وقفاز العالم الافتراضي -وربما بدلة كاملة متطورة- وينتقلون إلى الواحة وهناك يختارون أفتاراتهم -شخصية تجسدهم- ويطورونها على مدار الأعوام، فتتحرك كما يريدون ويضيفون إليها الأسلحة والتعاويذ السحرية والقطع التكنولوجية وما إلى ذلك وذلك بدفع مال يكسبونه من الواحة أو من العالم الحقيقي؛ وهنا لا أعرف المعنى من الهرب من الواقع إذا كنت سأدفع مالاً أنا بحاجةٍ إليه في الواقع لتحسين عالمي الافتراضي؛ لكن قد يمكن فهم ذلك، حيث نجد أن الواحة تحوي مدارس حكومية ودور حضانة ووظائف قد تدر الأموال على صاحبها. في هذه النقطة، كانت الراوية أقوى من الفلم أيضاً في توضيح تغلغل الواحة في حياة الناس لكن الفلم كان أقوى في رسم المجالات والحدود التي يمكن الوصول إليها أو تجاوزها
والآن إلى عقدة الرواية -والفلم
يموت مؤسس الواحة ويعلن عن أن مسابقة مضمونها العثور على بيضة مخبأة في الواحة وللعثور عليها يجب العثور على ثلاثة مفاتيح وفتح ثلاث بوابات؛ وهنا اختلافات كثيرة تخص المفاتيح الثلاث وطريق العثور عليهم وعلى بواباتهم والألغاز المخاطر التي يواجهها الأبطال في ذلك بين الفلم والرواية، بل هناك بعض الشخصيات التي تموت في الرواية ولا تموت في الفلم وأخرى قوية ومهمة في الفلم ولا تعدو عن كونها خرقاء في الرواية؛ وها هنا، تفوق الفلم بشكل كبير على الروايةـ، فهو أكثر تشويقاً وغموضاً وسلاسةً، ووزع القدرات الخارقة في الواحة على شخصيتها بشكل أنسب وأكثر جمالاً وتناسقاً
وفي نهاية الرواية والفلم هناك درس أراد الكاتب والمخرج إيصاله للقارئ والمشاهد وأعتقد أنهما لم ينجحا في ذلك
لكن الفلم تفوق على الرواية في نقطة هامة
فالرواية تبدو وكأنها نوستاليجيا (الحنين للعيش في الماضي) حيث أن العيش في الواحة وبالتحديد محاولة ربح البيضة تعتمد بشكل مريع على معرفة البطل بمغني وفناني وأفلام وألعاب وثقافة الثمانينات في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل رئيس (وفي اليابان بشكل أقل) لدرجة تصيب القارئ بالصداع؛ أفلا يوجد في الرواية طفل واحد يعترض على زخم ألعاب الثمانينات؟! ألم يحدث شيء في السبعينات والتسعينات وفي عام 2030 و2040 وما بعده (وهي الفترة التي تحدث فيها الرواية) جدير بالاهتمام مقارنةً بالثمانينات؟! لقد خفف الفلم من حدة هذه النزعة كثيراً
في الرواية آراء دينية (أو لا دينية بالأحرى) لا أتفق فيها مع الكاتب وقد أزالها المخرج
باختصار، راوية جيدة ومشوقة لكنها بحاجة إلى جلد وصبر لتحمل الملل والسأم الناتج عن حشر الثمانينات بهذا الشكل المزعج في الرواية، وقد يكون الأجمل مشاهدة الفلم (وهي حالة نادرة فغالباً ما تكون الرواية أفضل من الفلم