Description
زايد هوية شعب ... ووطن
بقلم الدكتور . سلطان محمد النعيمي
لطالما لعبت الهُويات ولا سيما الوطنية منها دورها في تعزيز متانة ترابط مجتمع الدولة الواحدة بغض النظر عن بقية الهويات متعددة المشارب بين أفراد ذلك المجتمع.
وبالرغم من أن الهويات تتكون عندما يحاول الناس إيصال صورتهم للآخرين فإن ذلك لا يعني الجمود والانسحاب على الذات بقدر ما هو سعي لتحقيق نوع من الموائمة والتعايش، فالهُوية في واقعها تبرز من خلال إدراك لذلك التباين والاختلاف مع البقية، وهذا لا يدفع بالضرورة خلق حاجز من الخلاف والصراع على الهُوية، بل تأتي الهُوية الوطنية الجامعة بكل أدواتها ساعية في طريق جمع مختلف هويات أفراد المجتمع في صورة تعايش وتآلف، تاركةً للتباين في بعض الهويات مساحتها التي تؤكد على قبول الآخر والتعايش معه، وفق ضوابط المصلحة العليا وتغليب الهُوية الوطنية على ما سواها حين يصل الأمر إلى قضايا من قبيل الانتماء والولاء للوطن دون غيره من الولاءات أوالهويات العابرة لحدود الدولة. فالمشترك الوطني لا يعني إلغاء الخصوصيات الدينية أو المذهبية أو الثقافية، بل احترامها وفسح المجال لكي تمارس دورها، ووظيفتها في إثراء مفهوم الوحدة بمضامين حضارية تتجاوز الرؤية الاحادية والنهج الاقصائي
يدفعنا هذا الأمر للقول أن حرص الشعب والدولة الجامعة لمجتمع ما، يفضي إلى البحث عن المشتركات لتعزيز اللحمة الوطنية. فيأخذ البُعد التاريخي الجامع لأفراد المجتمع على اختلاف هوياتهم الفرصة للبحث عن الأحداث التاريخية لتشكيل وعاء من الذاكرة الجمعية القادرة على تعزيز دعائم الوحدة الوطنية وهويتها الجامعة، ولا يقتصر الأمر على الماضي وما يختزله من جوانب إيجابية فحسب، بل إن هناك دولاً تنطلق إلى المستقبل للبحث عن ما يعزز التلاحم الوطني عن طريق منافسة باقي الأمم في الانجازات والتقدم ووضع المشاريع المستقبلية الضامنة لأجيال قادمة لهذا المجتمع ما يعزز بدوره الاعتزاز بالهُوية الوطنية